المتابعون

الثلاثاء، 25 مارس 2014

منير .. الذى سكنه النيل


النيل اسمه منير


بقلم/ ميادة مدحت

 


لو كان النيل رجلاً لكان أسمرًا طويلا إذا تحدث سمعت صوت منير ، أحيانًا يخيل إلى وأنا أسمعه أنى أسمع حابى وهو يترنم ترنيمة الحياة . إن صوته معجزة حية ، آلة زمن تأخذنى من يدى إلى جذوري التليدة ويحكى لى كيف عشق أوزوريس إيزيس وكيف فرق ست بينهما ثم كيف جمعت إيزيس أشلاء حبيبها من كل بلد وكأنها تجمع شتات أمة فرقها طول السفر لتعيد إليه الحياة مرة أخرى ويهبها حورس.. اسأله عنه فيجيب : النيل سؤال ومازال مجاش عليه الرد.


أسافر معه تحت المطر وثالثنا حورس نبحث عن ثأر الوطن وبره الشبابيك تدور المعارك بقيادة نارمر لنوحد قطرى القلب ، تحت شجر الليمون نصلى معًا لآتون من أجل الكحل فى عيني نفرتيتى ومع دخول الهكسوس يغنى للمعشوقة : -  تتكسرى ولا يتصلب عودك أنا جندي في جنودك .


فى مواسمه أتذوق البلح الأبريم وأنا أسمع منه حكايا الفيضان .. كالنيل يأتى صوته هادرا وأحيانا يرديه الهوى فيدندن بخفوت لروحه المعذبة . فى صوته يسكن فارس أحلامي أو فرسانه .. أحمس القائد الشجاع الذى يحرر قومه، إخناتون الثائر على كهنة الدين القديم .. فى صوته أرى عرابي يواجه الخديو بأننا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم وألمح مصطفى كامل يبعث النهضة الوطنية كما تبعث العنقاء من الرماد. أحمل بلاد طيبة على يدي وأخرج معه لاستقبال سعد زغلول العائد من المنفى .


كيف اجتمع كل هؤلاء فى صوته؟ لا أدرى . كيف لصوت بشر أن يتسع للنوبة والإسكندرية .. للصعيد والسويس .. أسمعه فلا أعي أيسافر صوته لهذه الأماكن أم أن هذه الأماكن ترتحل فى صوته ؟


أى حنجرة مسحورة ومباركة يملكها هذا الرجل ؟ وكأنما صنعت من طمى النيل وطعمها القدر بحلى ذهبية ذات طابع فرعونى لتفصح بالعربية فتخلب الألباب . كنز قومى هو ومنذ متى قدرت الكنوز فى وادي النيل ؟ لو أننا نقدر هبات الله لنا لقدسنا هذا الصوت ورفعناه إلى مكانة لا تليق إلا به فهو أكبر من أن يكون حدوته مصرية  لأنه .. حدوتة مصر .


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق