المتابعون

الأحد، 22 مارس 2015

متلازمة فريدة وناريمان


متلازمة فريدة وناريمان


 


بقلم \ ميادة مدحت


 


 


وحدها تسير خلف النعش ، النعش يتحرك ببطء لكنه يبدو لها مسرعا بشدة وقسوة كالقطار يدهس ما تبقى من حياة فى مقلتيها . تذكرت يوم التقت به لأول مرة ، لم تحبه من أول نظرة بل عشقته ومن قبل أن تراه وكأن الله خلق لها عينان فقط لتعشق ملامحه .


 


أحبها هو الآخر ربما قبل أن يراها أيضًا وكيف لا ولمثلها خلق الله الحب ؟ كان هو الملك الشاب المحبوب الوسيم وكانت هى سندريلا بجمالها ورشاقتها ورقتها وقلبها الذى لم ولن يعرف سواه . كان الاقتراب محتومًا والهوى مقدرًا فكانت قصتهما ..


 


تلفتت حولها فلم تجد الأخرى لا خلف النعش ولا أمامه فتألمت لأجله . كان صعبًا عليها أن تتخيل أن تلك الأخرى استطاعت أن تتركه و تتزوج بغيره  وأن تكون بتلك القسوة فلا تأتى لتودعه الوداع الأخير. حمقاء هى بلا عقل ولا إحساس ، كيف ارتضت من هو دونه فى كل شيء والكل دونه مهما زادت قسوته ومهما بلغ من الغباء حدًا يجعله لا يفرق بين الحق و الباطل . الكل دونه مهما حطت الأيام من قدره ومهما اختفت وسامته تحت رداء من البدانة لم تعهده فيه يوم التقيا .


 


كانت تعبده ولكنها كانت إلهه فى كبريائها ، كانت تصغره سنًا ولكنها اعتبرته ابنها لأن أمه البيولوجية  كانت أشد طيشًا من فتى أرعن وكان واجبها المقدس أن تحميه من أمه ومن حاشيته ومن نفسه ! وكما كان الغرام بينهما كتابا وقدرا كان الصدام مكتوبا .


 


تركته بكامل إرادتها وكرامتها .. تركته وهى تعلم أن قطعه من روحها ستذهب معه إلى الأبد وبلا رجعه . وعندما اختار المطيعة الصغيرة كانت هى أول من أرسل له بطاقة تهنئة ! أتعبها لأنها لم تكن مطيعة فتركته لأنه عصى قلبها الخائف عليه . حسبتها صفقة عادلة  ولكنها كانت قسمة ضيزى !


 


كل هذا الألم وكل هذا العشق !


 


كانت تسهر أيامًا بلياليها تعاتب لسانها الذى كذب بالصمت فلم يصرخ بحبه ، كانت تلعن كبرياءها فى اليوم ألف مرة كلما قتلها الشوق إليه .. تعذبت فى جحيم الغيرة وهى تعرف أنه مع غيرها ولم يكن يسكن آلامها سوى أنها حرمته منها وأنها كانت تعلم يقينًا أنه لو امتلك نساء الأرض لن ينساها .. كانت تجد سلواها فى عذابه وفى أن رأسها لم ينحنى.  ولكنها أبدًا لم تستطع أن تكون لغيره ولو فى خيالها !   


 


وحدها بقيت معه - بل خلفه_ بلا ملك ولا حاشية ولا وسامة .. وحدها سارت خلف جسده مطأطئة الرأس فوحده موته أحنى ظهرها وطأطأ رأسها  . فراقه للأبد كان إيذانًا بموتها الأخير بعد أن قتلها  فراقه من قبل آلاف المرات. فقط على رأس جسده المسجى فى القبر واتتها الجرأة لتصرخ بلوعة العالم :


- أحبك يا غبى !


 


فى ذلك اليوم عادت إلى منزلها تبحث عن شيء يعزيها فى مصابها فلم تجد سوى أن تتصبر حتى يلتقيا فى الآخرة ربما كانا لبعضهما البعض فى الحياة القادمة. وقفت أمام صورته تحاول أن تمنحه صك الغفران عما ارتكبه من ألم فى حقها ولكنها .. لكنها عجزت أن تسامحه وبكل ما فى أحشائها من حب وألم صرخت :


- أتمنى أن تحترق فى الجحيم إلى الأبد فمثلك  لم يخلق إلا لجهنم  .


 


كانت تعرف أن إخلاصها فى حبه وعذابها فى فراقه كفيلان بتطهيرها من ذنوب الأرض وما عليها وأنها لا محالة ذاهبة بعد الموت إلى النعيم .. وكانت تعرف أنها حتى فى الجنة ستكتوى بغرامه ولكن عزاءها الوحيد أنه هو الآخر سيتعذب بفراقها (فى جهنم) .