المتابعون

السبت، 29 نوفمبر 2014

وهم اسمه الأمل


وهم اسمه الأمل


 


بقلم \ ميادة مدحت


 



ما أجمل أن تجد من يقول لك أن ألمك زائل لا محالة وأن مصيرك فى يدك وأن وطنك بخير. سيخبرونك أن النجاح والصحة والحب أشياء متوفرة وفى انتظارك كل ما عليك هو أن تصدق وغالبا ستصدق فالنصابون الجدد لديهم مهارة منقطعة النظير فى الإقناع والالتفاف حول الحقائق .


 لو أنك لم تحاول من قبل ستصدق أنك ستفلح  لو حاولت. لو أنك غر حديث العمر ستصدق أن الغد أفضل . ستصدق فى كافة الأحوال لأنك تريد أن تسعد وأن تحيا كما تريد وكيف لا ومن يطمئنك يملك لسانا معسولا و عيونا براقة  ، إنهم دائما يشيرون إلى السماء وعلى ألسنتهم اسم الجلالة يذكرك دوما بأن الله موجود وبأنه لا يرضى الظلم وبأن دعاءك مستجاب وأن ثمة حالات كانت أسوأ بكثير من حالك ثم بدل الله حالهم فأصبحوا أثرياء سعداء وناجحين .


 منذ عدة سنوات كنت أتابع إبراهيم الفقى فى حلقة على قناة المحور يتحدث فيها عن كيفية السيطرة على الغضب والمشاعر السلبية ، وفى أثناء الحلقة اتصلت سيدة وشككت فى مؤهلات إبراهيم الفقى ليتحدث إلى الناس ويخبرهم بما يجب  وما لا يجب أن يفعلوه فما كان منه إلا أن  انفعل بشدة وراح يكيل لها الاتهامات بأنها مأجورة ولابد أن أحدًا حرضها عليه !


ومنذ فترة سمعت تسجيلا للمدعو أحمد عمارة يحض فيه الناس على التغلب على البرد وقهره كيف؟ بأن تخرج إلى الشرفة قبيل الفجر بقميص خفيف فى الشتاء وتشعر بالانتعاش !! هل سيشعر شيخ عجوز  فى السبعين من عمره أو طفل فى الخامسة أو شاب ضعيف البنيان بالانتعاش إن فعل ذلك ؟ لا أظن وإن حدث فسيكون آخر انتعاش يشعرون به فى حياتهم.


 هؤلاء الذين يتاجرون بالأمل فيشتهرون ويثرون من بيع الوهم للناس فى زمن كهذا وبلد كتلك، لا يجدون من يحاسبهم أو يراجعهم أو يقول لهم لا .. الحكام يريدون للشعب أن يصدق أن الغد أفضل ورجال الدين يريدون للناس أن يصدقوا أن الله موجود وأنه قادر على تحقيق المعجزات حتى وإن كان زمن المعجزات قد ولى بغير رجعة. ورجال المال يريدون شبابا متحمسا للعمل بقروش زهيدة على أمل أنهم سيصيرون يوما ما من ملاك وسائل الإنتاج !


الحكام ورجال الدين ورجال المال .. وتجار الأمل هم أعداء البشرية فى كل عصر  يمتصون الأحلام وينفقون من أعمارنا على نزواتهم ويلعبون بكروت الأمل والسلطة والدين ليلهونا عن حقيقة العالم .. وليضمنوا بقاء  العبيد على قيد الحياة ونحن - العبيد - لنا أحلام لا نحققها وأعمار لا نعيشها وعقول يغيبونها حتى تخضع وترى الكون بعيونهم هم.


العلاقة وثيقة بين التنمية البشرية وبين الديكتاتورية فقط لمن يمعنون النظر ويتفكرون . عزيزي الشاب البائس لا تصدقهم إذا أخبروك أن الغد مشرق وأن الوظيفة والشقة والسيارة والزوجة فى طريقهم إليك فمن قبلك جاء جيل ارتكب الثورة ودفع فيها عمره ورأى الناس يدفعون دماءهم رخيصة ليتحرر الوطن ولتأتيك تلك الحقوق طائعة..ولكنه فشل.


 سيخبرونك أن الله قادر على المعجزات ألم تكن الثورة معجزة ؟ نعم ولكن الوضع الراهن تعجز أمامه المعجزات . عزيزتى الحالمة سيخبرونك أن فارس الأحلام موجود فى مكان ما وأنه يبحث عنك كما تبحثين عنه وستجدينه يوما ما .. لا تصدقيهم فالوطن لم يعد به فرسان فقط مطايا فى هيئة ذكور مثل كل من رأيتهم فى حياتك، ولا عاد فى زمنك مكان للأحلام .


 الله الذى يحكون عنه قال أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  وصدقونى غيركم حاول أن يغير العالم ولكنه عجز حتى أن يخلص نفسه فالخلاص ليس للجميع والتغيير يكون مستحيلا فى بعض الأحيان . سيخبرونك أن الحب العالق فى قلبك منذ سنوات له حل فبعض التمارين البسيطة ستجعلك تنسى التى هجرتك منذ سنوات ولكن الواقع يقول أن قدرك حبها وأنك مهما حاولت لن تنسى ، ستعيش بعذابها ما حييت وتموت بعشقها .


 سيخبرونك أن الانتحار حرام وأن  مصر فى طريقها لأن تصبح جنة الله فى الأرض .. وأن السعادة تكمن فى الأشياء البسيطة وأن الشباب ليس بالسن فى شهادة  الميلاد ..وأن مبارك حصل على البراءة لأنه حوكم بالقانون، نفس القانون الذى أدان الثوار!  سيخبرونك بكل هذا الهراء وستصدقهم إلى أن تكتشف بنفسك الخدعة وقتها إما أن تكون بشجاعة زينب ومن قبلها أروى صالح وإما أن تكون جبانا فتعيش .. بلا هدف وبلا أمل وبلا قلب  فقد التهمت الوحوش روحك فلم تعد قادرا أن تحب أو تسعد أو حتى أن تحزن .