المتابعون

الثلاثاء، 7 مارس 2017

حتى مصرع الفجر





بقلم \ ميادة مدحت


هل خسف القمر بالأمس؟ لم تخسف الأقمار الصناعية بالأمس ولا نكست الأعلام.  لم نسمع كلمة شجب ولا بيان إدانة.  ولو كنا شعوبا تحترم نفسها لقتلنا أنفسنا بكاءً على باسل الأعرج ، ذاك الفلسطيني الذي درس الصيدلة في مصر وعاد منها إلى وطنه مبشرًا بالثورة. كان باسل مناضلا ومنظرًا ومبشرًا بحركة نضالية جديدة قوامها الفرد في زمن غلبت فيه النزعة الفردية على كل شيء حتى النضال! صنع من نفسه كتيبة وانطلق مسلحًا بمعرفته لتاريخ الأرض وجغرافيا الزمن، نظم الرحلات الميدانية إلى كل  شبر على أرض الضفة الغربية ليحكى لرفاقه عن معارك الحرية . نظَر للقتال ولكن لأنه ابن الربيع العربي أبى أن يكون كأسلافه من المنظرين الذين أكلوا بأقلامهم فعلت أصواتهم ولمعت نجومهم فلما قامت الثورة من المحيط إلى الخليج لم نر منهم فى الميادين أحدا.

قاوم الاستيطان فى قرية "ولجة" وسار على رأس المسيرات حتى اعتقلوه ولبث لديهم ستة أشهر. و خرج من المعتقل لتبدأ رحلة نضاله فى المسافة بين النظرية والتطبيق ، كانت نظريته مفادها : " عش نيصًا وقاتل كالبرغوث" وقد فعلها ، أزعج الصهاينة وعجزت أجهزتهم عن رصده. وجاء  باسل بمعجزته حين صار سلاحه الثقافة وثقافته السلاح ، فاستحق النبوة والشهادة.
فجر أمس الاثنين الموافق السادس من مارس 2017 م ، وفى منزل بمدينة البيرة قرب رام الله هاجموه فاشتبك معهم وأمر كبيرهم باستمرار القصف حتى مصرع الفجر. وقد ظنوا أنهم صرعوه ولكنهم ما قصفوه وما قتلوه ولكن شبه لهم. خطفوا جثته لأنهم يعرفون أن كل مضرج بدماء الحق خطر عليهم، أخذوا الفجر بعيدًا ولكن عزائي أنه لم يكن الفجر الأخير، فقط كان فجرًا بمكن أن يأتينا غيره. ومادامت شمس الوطن لم تشرق من الغرب بعد فمازالت فرصة التوبة قائمة وباب النضال مفتوحًا حتى مطلع الفجر.