المتابعون

الأحد، 17 مايو 2015

إنكار المعلوم من (الوطن) بالضرورة

عن إنكار المعلوم من (الوطن) بالضرورة : الوطن هو الملاذ الذى تأمن فيه على عرضك ونفسك ومالك .. الوطن هو المكان الذى تعيش فيه حرا كريمًا فلا تستعبد فئات منه عامة الشعب ولا يموت فيه فقير لأنه لا يجد ثمن الدواء .. الوطن ملكية عامة للجميع وموارده مقسمة بالعدل بين أبنائه . فى الوطن لا يقتلون الناس بالجملة ولا يجردونك من وطنيتك فى ميادين الصحف لمجرد اختلافك فى الرأى .. فى الوطن للموت حرمة فلا فضل لقاض على سائق إلا بالعمل الصالح . فى الوطن من حقك أن تحلم وأن تحب وأن تبدع وأن تصرخ وأن تحزن وأن تفرح دون خوف من جلاد عسكرى أو دينى . الحلم وطن والحق وطن والحب وطن فإن حرموك من كل هذا أو بعضه فقد أنكروا معلومًا من الوطن بالضرورة فلا رضوخ ولا طاعة بل مقاومة وثورة -فى سبيل مصر -حتى تقوم الساعة .

 

الخميس، 7 مايو 2015

كيف توحشت الأديان ؟






عندما التقى أول نصاب بأول مغفل فى التاريخ بدأت مهنة رجل الدين وبدأت معها معاناة البشر ، منذ كهنة آمون الذين لم يرضون بأقل من معابد فخمة وإتاوات يفرضونها على الناس مقابل تحنيط أجسادهم ليضمنوا الخلود بعد الموت . لم يرضى الكهنة بأقل من عيشة مرفهة ونفوذ سياسى واسع النطاق. ومع الوقت زاد النهم فاتسعت التجارة وتقدست الحيوانات وصارت جثثها المحنطة فى المقابر من دواعى الخلود وكل جثة بثمنها وبذلك صار الخلود من حق الأغنياء فقط وتم تحريم مملكة أوزوريس على الفقراء. 

أما العبيد من بنى إسرائيل فقد أرسل الله لهم موسى مبشرا بحياة أفضل وبإله ينصرهم  ، ورغم أن الأدبيات الأولى لليهود لم تعرف مملكة السماء ولا وعدت بحياة أخرى بعد الموت إلا أن أهل موسى اتبعوه أملا فى حياة أفضل فوق الأرض  ولكن ما إن  أتاهم الأمر بالخروج حتى سرقوا ذهب المصريين ومتاعهم غنيمة حلال ثم عكفوا يزيفون لأنفسهم تاريخًا ويستلبون ثقافة وحضارة المصريين وحتى إيمانهم بالحساب بعد الموت . ومع الوقت تحول اليهود من عبيد فقراء إلى تجار بالربا ومستغلين للناس حتى حولوا بيت الرب إلى سوق.

وظهر شاب يهودى انتفض لما آل إليه الحال فراح يكرز فى الناس بالزهد والتقوى وبأن مملكته ليست من هذا العالم .. كان يأكل الخبز الجاف وينام فى البرية حتى صلبوه ولم يكن على جسده ما يكفيه شر البرد أو يقيه  حرارة الشمس. وبعد عشرات السنين أتى من رفعوا الصليب وقتلوا الناس باسمه باحثين عن مملكة اللبن والعسل .. فدشنوا الكنائس وخلعوا رداء الرهبنة ليرتدوا عباءات الكهنوت الموشاة بالذهب ، وصارت صكوك الغفران تجارة رابحة تماما كتجارة التحنيط عند كهنة آمون.

وفى شبه الجزيرة العربية أتى رجل فى الأربعين برسالة من السماء تبشر العبيد والأعاجم والبشر أجمعين بأنه لا فضل لإنسان على إنسان إلا بالتقوى والعمل الصالح. بدأ الإسلام اشتراكيا اشتراكية أعقل وأعدل من اشتراكية ماركس بكثير ، فحرر العبيد عندما أصبح بلال العبد الأسود مؤذنًا للرسول ورفع الظلم عن المرأة حين قال خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء وطيب جرح الفقراء بأن وعدهم جنة عرضها  السماوات والأرض أعدت للمتقين. ولكن ما إن استقر الحال أو كاد حتى بدأت الغزوات فكيف لمملكة السماء التى لم تكن كافية لكهنة آمون ولا حاخامات اليهود أو آباء الكنيسة أن تكفى أتباع الدين الجديد ؟
وخرجت الجيوش المؤمنة إلى شتى بقاع الأرض تنشر الدين الجديد وتضم أتباعا جدد وعبيدا جدد ، حتى امتلأت خزينة بيت المال وتدفقت السبايا من الشام ومصر وفارس إلى مخادع المسلمين، لماذا لم يتجه المسلمون جنوبا إلى إفريقيا ؟ لا أحد يعلم ؟ ربما لأن العرب لا يفضلون المرأة السوداء وبالتالى كانت بلاد الاندلس والشام أحق بالهداية والإسلام من إفريقيا ! وتحول الإسلام فى عصر الفتوحات من الاشتراكية النبيلة والزهد فى مملكة الأرض إلى الرأسمالية المتوحشة .

واليوم ونحن نخوض حربا ضارية ويائسة ضد نخبة من رجال الدين تحالفوا مع الحكام واتفقوا على ألا نرى غير ما يقررون أنه الصواب، لم تعد المعركة معركة العلمانيين ضد رجال الدين بل صارت القضية أكثر تعقيدًا. إن المعركة اليوم تقع بين منظومة من قيم العدالة والمساواة والإخاء ومحبة الآخر ضد منظومة قيم الجشع والكراهية واستغلال الدين لتحقيق المجد والمال لحفنة من رجال يدعون أنهم حراس على كتاب الله ومتحدثين رسميين باسم السماء.

قديمًا أوهموا أجدادنا أن من لم يحنط جسده لن يبعث حيا من جديد واليوم يريد أحفاد كهنة آمون أن نحنط عقولنا وإلا جهنم مأوانا وبئس المصير . المعركة مستمرة فى سبيل العقل والنور والحياة فى مواجهة الجمود والظلام والموت ـ ترى من ينتصر؟