المتابعون

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

نساء بلا نخوة ..دراسة فى سيكولوجية التعدد


نساء بلا نخوة ..رحلة فى سيكولوجية التعدد


بقلم / ميادة مدحت

منشور فى مجلة إبداع


 


صدمنى نقاش مع فتاة فى مقتبل العمر ارتدت النقاب مؤخرا وكان ملخص ما قالته فى هذا النقاش أنها إذا تزوجت ستسعى لتزويج زوجها من ثانية وثالثة عملاً بالسنة النبوية !! وكان الدليل الذى استندت إليه هذه الفتاة فيما قالته تصريح لأحد شيوخ التيار السلفى ورد فيه أن الأصل فى الزواج التعدد وأنه لا حل لمشكلة العنوسة والعلاقات غير الشرعية سوى تعدد الزوجات وقال الشيخ أن المرأة التى تأبى أن تشاركها أخرى فى زوجها تكون متمردة وغير خاضعة للمشيئة الإلهية !


إن الصدمة التى شعرت بها بعد انتهاء هذا النقاش كانت مركبة لعدة أسباب : أولاً : أن ذلك الشيخ – المزعوم – يبرر شبقه بأنه سنة الله ورسوله . ثانيًا : أن يكون هذا هو المستوى الفكرى لفتاة متعلمة حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية وتعيش فى القرن الحادى والعشرين . ثالثًا: أن تلك الفتاة ليست الوحيدة التى تفكر بنفس الأسلوب بل هناك مثلها كثيرات. هل يعقل أن تنتهى مسيرة تحرير المرأة التى بدأها قاسم أمين واستكملتها هدى شعراوى وصفية زغلول وملك حفنى ناصف ودرية شفيق وعشرات ممن انتزعن حريتهن من براثن المجتمع هل يعقل أن تنتهى تلك المسيرة بعودة المرأة – طواعيةً-  إلى الحرملك واختفائها خلف النقاب وقبولها أن تكون واحدة من الحريم بعد أن أصبحت قاضية وطبيبة ووزيرة ؟


إن من يحلمون بالعودة إلى الماضى لا يعرفون أن جُلَ هذا الماضى لا يمت للإسلام بصلة بقدر ما كان محكومًا بغرائز الرجال وتقاليد بالية لمجتمعات كانت تعيش فى ظلام دامس والمفاجأة أن العودة إلى الماضى تصدمنا أحيانًا بتخلف الحاضر!  ولتسمح لى عزيزى القارىء أن أبحر بك قليلاً فى ماضينا حيث أستعير بعض سطور من مذكرات أ.ب. كلوت بك التى جمعها فى كتاب بعنوان " لمحات عامة إلى مصر" الذى تم نشره فى باريس 1840 حيث يقول عن السن المعينة للزواج فى مصر آنذاك  : "فإن منهم من يزوجون بناتهم فى التاسعة أو العاشرة من عمرهن  - أى فى الوقت الذى لم يتوافر للمرأة فيه من النمو الأدبى والبدنى ما يجعلها أهلا للتزوج ... وكثيرا ما يرى المرء رجالا فى الثلاثين أو الأربعين من أعمارهم ، وقد تزوجوا بفتيات صغيرات يصح أن يكونوا لمثلهن آباءً أو أجدادا"

وعن التقاليد المتبعة فى حفلات الزفاف الشعبى وبالتحديد عن عملية فض البكارة يقول كلوت بك فى نفس الكتاب: " وتجرى هذه العملية عادةً على مشهد من الأمهات وبعض كبار السيدات ... أما المنديل الحريرى فيعرض على الأهل والأقارب مخضبا بالدم ... ثم يعرض هذا الدليل الدموى على عفاف العروس وطهارة ذيلها على المدعوين... و إذا اتفق أن عروسًا وقعت فى خطيئة قبل زفافها أو كان بها مرض أو نقص فى التكوين الجثمانى حال دون إتيانها بذلك الدليل فإن للعريس أن يطلقها من ساعته ، وفى مثل هذه الحالة غالبا ما تكون العروس عرضة لانتقام أهلها الذين لا يزعهم من الرحمة والتبصر وازع عن قتلها ذبحًا وإلقاء جثتها فى النيل"

و ذكر كلوت بك الحيل الصناعية التى لجأت إليها العجائز لإثبات بكارة غير موجودة.  إلى هذا الحد كان المجتمع فى الماضى جاهلا ومنافقا وهو ما يعود إليه البعض – حنينا- يبدو جليا فى عدة ظواهر من بينها انتشار غشاء البكارة الصينى فى الأسواق المصرية ..أين الطهارة والبتولية فى ذلك وما معيارهما الحقيقى ؟ ولدهشتى فقد وجدت أن كلوت بك قد فطن إلى مبادىء الشريعة أكثر مما فطن إليها شيوخ التيار السلفى فقد ورد فى كتابه سالف الذكر : " حقا أن تعدد الزوجات فى الإسلام مباح ولكنه مقيد بحدود صريحة ويستشهد بالآية الكريمة : " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " وعن وضع الزوجة المصرية فى مؤسسة الأسرة يقول كلوت بك " ولها من العناية بشئونه والمداراة له مالا يصح أن يطلب من الخادم فضلاً عن الزوجة " هل هذه العلاقة المذلة تمت بصلة من قريب أو بعيد لقيم المودة والرحمة التى نادى الإسلام بأن تكون أساس العلاقة الزوجية. 

ومن يدعون الآن إلى عودة تعدد الزوجات وإعادة نظام الحريم من خلال سبايا الغزوات يفوتهم ارتباط الحرملك بالإخصاء فالشىء بالشىء يذكر وفى هذا يقول كلوت بك :  " ومع أن الشريعة الإسلامية تحرم الخصى ( الجب ) فقد عكف المسلمون عليه وبالغوا فيه ، بحيث يخيل للإنسان أن هذه العادة الوحشية ملازمة لتعدد الزوجات ملازمة لا مفر منها" .

وبالعودة لكتاب آخر وهو : " المرأة المصرية قبل الحداثة .. مختارات من وثائق العصر العثمانى " للدكتور عبد الرازق عيسى تصدمنا حقائق أخرى تدل على مدى التردى الذى نعيشه الآن لنكتشف أن الخلع الذى يطالب بإلغائه الآن كثيرون من المحسوبين على التيارات الدينية كان معمولا به فى المحاكم منذ العصر العثمانى الذى يعتبره معظم المثقفين من أسوأ العصور التى مرت على مصر وأكثرها إغراقا فى الجهل وقد أجمع جمهور الفقهاء على مشروعية الخلع.


وقد حدث فى العصر العثمانى – الذى ألصقنا به صفة الانحطاط- أن وصلت المرأة إلى مكانة كبيرة فى تحصيل العلوم كالشيخة نفيسة بنت الشيخ أبو الحسن البكرى والتى كانت تجلس للتدريس وعنها أخذ عدد ممن أصبحوا علماء وتبوءوا مناصب علمية كبيرة.


" وهناك ابنة العالم الطيب أحمد بن سراج الدين الملقب بشهاب الدين والمعروف بابن الصائغ الحنفى المتوفى فى 1036 هجرية وكان رئيس الأطباء فى زمنه ، نجد ابنته من فرط علمها بالطب قد صارت رئيسا لأكبر مستشفيات مصر آنذاك وهو البيمارستان المنصورى."


وقد ورد فى الوثيقة رقم (11) فى كتاب الدكتور عبد الرازق عيسى -وهى وثيقة زواج الزينى ابراهيم بن على الينكجرى على السيدة الشريفة عين الرضا ابنة السيد الشريف محمد بن السيد الشريف- أنها اشترطت عليه عدم الزواج بأخرى أو التسرى بجارية وجاء فى وثيقة زواجهما ما يلى : " وعلق الزوج المذكور عليه برضاه أنه متى تزوج على زوجته المذكورة زوجة غيرها أو تسرى عليها بسرية أو نقلها من مصر المحروسة وثبت عليه ذلك الأشهاد وأبرا ذمته عن ثمن دينار من باقى صداقها عليه تكن طالقا طلقة واحدة تملك بها نفسها "


وورد فى الوثيقة رقم 13 فى نفس الكتاب عن زواج مزهر بن عبد الله على عايشة المرأة ابنة عبد الله الرومية " وعلق عليه الزوج المذكور لزوجته المذكورة أنه متى تزوج عليها زوجة أخرى أو تسرى عليها سرية أو ظهر فى عصمته زوجه غيرها وثبت ذك عليه ... كانت من حيث ذلك طالقا طلقة واحدة تملك بها نفسها"


ثم ورد فى الوثيقة 18 من نفس الكتاب عقد زواج لدى الحاكم الحنفى لامرأة  نصرانية اسمها هيلانة على خاطبها يوحنا بن جرجس وفيه تشترط عليه الآتى " ورضى السكن بها عند أمها ملاح وبابنتها من غيره شرابيه الفطيم المقدر عمرها بسنتين على أن تأكل من مأكوله وتشرب من مشروبه خاصة".


وهاهى مصرية يهودية اسمها رفقة بنت يوسف تشترط على زوجها سليمان بن عطية اليهودى الربان عدم ضربها حيث ورد ذلك فى الوثيقة رقم 20 من الكتاب السالف ذكره " وعلق سليمان المذكور على نفسه برضاه لزوجته المذكورة أنه متى ضربها ضربا مبرحا يظهر أثر ذلك على جسدها فى غيظ وثبت ذلك عليه شرعًا ... تكن حين ذاك طالقا طلقه واحدة تملك بها نفسها"


ويرد فى الكتاب نفسه فصل كامل لوثائق الخلع الذى كانت تحصل عليه المرأة فى جلسة واحدة كما قال الشرع وهذا غير معمول به الآن فالخلع فى القرن الحادى والعشرين قد يستمر فى المحكمة عاما كاملا بدعوى إعطاء الزوجة فرصة لمراجعة نفسها! 


وإذا كان العصر العثمانى قد شهد اشتراط المرأة المصرية المسلمة والمسيحية واليهودية على حقها فى خلع زوجها متى أرادت وفى اشتراط عدم تزوجه مرة ثانية وعدم ضربها وإذا كان ما سماه طه حسين " هجمة الترك" واعتبرها بعض المؤرخين فترة سوداء فى تاريخنا الفكرى لم تنتزع من المرأة حقوقها ولا كرامتها فإننا للأسف – فى العهد الوهابي- نعيش هجمة صحراوية عاتية من قيم البداوة ضد قيم التقدم والتنوير بل وضد قيم الإسلام نفسها.


وإذا كان الحوينى ومحمد حسين يعقوب وغيرهما من رموز الدعوة السلفية فى مصر يسعون إلى استنساخ تجربة أفغانستان على أرض مصر فمن حقنا أن نسألهم : ما الخير الذى جلبته طالبان إلى أفغانستان ؟ وقد نجد الإجابة الشافية على هذا السؤال فى مذكرات خالد منصور عن رحلته إلى هناك منذ أعوام قليلة  والتى نشرها فى كتاب بعنوان " خلف الستار .. وجه آخر لأفغانستان" حيث يصف قاعات الدرس فى إحدى دور الأيتام هناك قائلا : " قاعات الدرس عارية إلا من حصر بلاستيكية على الأرض يتجمع عليها الأطفال فى حلقات ... داخل الغرفة جلس نحو عشرين من الفتية والفتيات زائغى النظر شاحبى الأوجه ، ملطخين ببقع بنفسجية من دواء رخيص لمعالجة مرض جلدى متفش بين أطفال أفغانستان". وعن وضع الرعاية الصحية الذى لا يختلف كثيرا يقول فى نفس الكتاب : " أسرة مستشفيات مقشرة الطلاء ...وعليها ملاءات بيضاء مهترئة... لا كهرباء ، لا مياه جارية ، لا شبابيك كى تغلق، لا أغطية ثقيلة تقى من برد الشتاء القارس فى كابول، لا ألعاب . لا شىء سوى أجسادهم النحيلة وسط الحوائط العارية " أما المرأة هناك فهى غائبة أو مغيبة عمدًا طيلة الوقت " رجال، رجال ، والمزيد من الرجال يتحدثون إلينا ، وبين الفينة والفينة شبح جسد مغطى بالكامل .. فى غشارة لوجود النساء ( أو غيابهن)" .. أى رخاء إذن جلبه قهر النساء وحجبهن واحتجابهن فى كابول؟


إن النهضة كما أفهمها هى الأخذ بأسباب التقدم والسير على آثار الأمم المتقدمة والمستنيرة وبالطبع فإن أفغانستان ليست من بينها .. وأعود لما قاله طه حسين فى كتابه " مستقبل الثقافة فى مصر " حين قال : " ... أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداد ولنكون لهم شركاء فى الحضارة ..ومن زعم لنا غير ذلك فهو خادع أو مخدوع" . ويقول عمن يهاجمون القيم الأوروبية ومظاهر التمدن بدعوى أنها تخالف تعاليم الإسلام يقول : " وقد يحسن أن نلفت هؤلاء الأخيار الصادقين إلى أن الحياة الأوروبية ليست إثما كلها ، إلى أن فيها خيرا كثيرا ... وإلى أن حياتنا الحاضرة والماضية ليست خيرا كلها بل فيها شر كثير "


وبالعودة إلى مقدمة المقال وما ذكرته عن ادعاء المغرضين من أن الأصل فى الزواج التعدد وأن المراة التى ترفض أن تسلم زوجها لأخرى تشاركها فى حبه تكون خارجه على أوامر الشرع وذلك رغم أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- رفض أن يتزوج على بن أبى طالب على ابنته فاطمة الزهراء .. لا أجد ردا أوقع وأصدق مما جاء فى كتاب الله حيث قال عز وجل : " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " ( النساء : 2) .. وقوله عز وجل : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " ( النساء : 129)


وأستشهد هنا بما قاله الإمام الجليل محمد عبده : " إن من تأمل الآيتين علم أن إباحة تعدد الزوجات فى الإسلام أمر مضيق فيه أشد الضيق كأنه ضرورة من الضرورات التى تباح لمحتاجها بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من الجور ، وإذا تأمل المتأمل مع هذا التضييق ما يترتب على التعدد فى هذا الزمان من المفاسد جزم بأنه لا يمكن لأحد أن يربى أمة نشأ فيها تعدد الزوجات فإن البيت الذى فيه زوجتان لزوج واحد لا يستقيم له حال ولا يقوم فيه نظام ، بل يتعاون الرجل مع زوجاته على إفساد البيت كان كل واحد منهم عدو للآخر يجىء الأولاد بعضهم لبعض عدو ، فمفسدة تعدد الزوجات تنتقل من الأفراد إلى البيوت ومن البيوت إلى الأمة ".


إذن فتعدد الزوجات مفسدة كما وصفه الشيخ محمد عبده ، وقد خاضت المناضلة درية شفيق معارك ضخمة فى سبيل القضاء على ظاهرة تعدد الزوجات وهى التى قالت : " أليس من حق ولى الأمر أن يقيد مباحًا من المباحات أو يمنع منه إذا اقتضت  المصلحة ذلك ودعت الحاجة إليه ... الواقع أن هذا لا يكون بدعًا فى الدين ولا منافيا لشىء من أحكامه بل هذا هو ما جرى عليه العمل فى عصر الخلفاء الراشدين” .


وقد خاضت العملاقة درية شفيق معركة كبرى ضد تعدد الزوجات وصل صداها إلى باكستان التى تفرغ عدد من متطرفيها لإلصاق التهم بدرية شفيق حتى أن وفد علماء باكستان قام بزيارة مصر وقتها ووزع رسالة صغيرة كتبها محمد عبد الحامد القادرى رئيس جمعية علماء باكستان بعنوان ( درية شفيق وتعدد الزوجات ) . وتقول درية شفيق : " وقد تلقيت من جميع البلاد الإسلامية كتبا لتأييد ردى على حملة جمعية علماء باكستان التى ظهر فيما بعد أنها لم تكن حملة بريئة لصالح الإسلام أو دفاعًا عن دعوته وإنما كانت مجاملة لرئيس الوزراء وستر موقفه" وقد عرف فيما بعد أن رئيس وزراء باكستان وقتها كان متزوجا من اثنتين أحدهما كانت سكرتيرته الخاصة. وقد أرسل " أبو الكلام آزاد " أحد علماء الإسلام ووزير المعارف بالهند وقتها كتابًا إلى درية شفيق جاء فيه : " لقد اتفقت كل الاتفاق آراؤك ضد تعدد الزوجات مع روح الإسلام السمحة.. إن هؤلاء الذين يبيحون تعدد الزوجات بلا قيد ولا شرط إما أنهم جهلاء بتعاليم الإسلام ، وأما أنهم يريدون عمدًا من وراء ذلك تحريف هذه التعاليم "


ومما تقدم يمكننى أن أستنتج أن مسالة تعدد الزوجات محكومة بالشهوات والعادات الاجتماعية بأكثر مما يحكمها الشرع ، والمرأة التى تقبل التعدد بصدر رحب بل وتسعى إليه هى بالتأكيد امرأة عانت على مدار حياتها من قمع نفسى واستئصال للكرامة أصابها بتشوهات نفسية جعلتها تصل إلى هذه الحال من اللامبالاة وفقدان الشعور أو شعورها بالدونية وأنها وحدها لا تكفى وغالبا فالمرأة التى تقبل أن تكون زوجة ثانية لا تقبل بأى حال أن يتزوج عليها زوجها بثالثة. ولا ننسى أن الثقافة الدينية السمعية التى تتلقاها بعض فتياتنا على يد مدعى المعرفة ممن لم يدرسوا الفقه كما يجب ترسخ فى وجدان الفتاة أنها رجس من عمل الشيطان وعورة وهو ما يحملها شعور بالذنب يجعلها ترضى بالقهر . وفيما يخص الآثار الاجتماعية والنفسية لظاهرة تعدد الزوجات على المرأة ومدى تأثير ذلك على الأبناء فقد ذكر الدكتور/ عبد الرحمن عبد الوهاب أستاذ الصحة النفسية المساعد بجامعة عدن في أحد أبحاثه أن تعدد الزوجات قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية عند المرأة في ظل الحياة الزوجية المتوترة ويضعف العلاقة بين الأبناء والآبـاء. 

وبعد كل هذا مازالت أنكر الأصوات ترتفع فى وقاحة مطالبة فى حق الرجل بأن يتزوج مثنى وثلاث ورباع  بل وأن يتسرى بالجوارى بعد عشرات السنين من النضال ضد تجارة الرقيق واستعباد البشر هل هذه مصر التى نحلم بها أم أن هذا هو الإسلام الذى قال كتابه المقدس : "ولقد كرمنا بنى آدم " ؟


 


 



الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

على خطى الإخوان


على خطى الإخوان


بقلم / ميادة مدحت


 


عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 كانت تحمل بداخلها عوامل فشلها وكان هناك 4 معسكرات فى مصر :1-  الثوار وهؤلاء مع الثورة قلبا وقالبا ومنهم من بشر بالثورة قبلها بسنوات كفئة المدونين والتى أفتخر بالانتماء لها والنشطاء فى الحركات الاحتجاجية المختلفة . 2- النظام الحاكم ورموزه وهؤلاء انقسموا إلى معسكرين : الأول اتخذ موقفا واضحًا ومعلنا من الثورة والثانى متمثلا فى قيادات الجيش آثر أن يحتفظ برأيه فى الثوره لنفسه وأن يلتزم الحياد ثم يعلن مؤازرته للثوار من خلال خلع مبارك والذى كان خطوة ضرورية للإبقاء على النظام ولكننا لم ننتبه لهذه الحقيقة وقتها فصدقنا أن العسكر معنا 3-  جماعة الإخوان و كانت ضد الثورة قلبا وقالبا وأعلنت قيادات الجماعة عدم مشاركتها فى مظاهرات 25 يناير ولكن عندما بدأت بشائر النصر تلوح فى الأفق سارعت قيادات الجماعة بالقفز على المشهد وبقوة فى مساء 28 يناير 2011 فى برجماتيه صريحة إن لم تكن وقحة. 4- الأغلبية الصامته وقد انقسم هذا المعسكر على ذاته فانضم جزء منه إلى الثورة مما شكل كتلة حرجة أضافت زخما للتحرك الثورى وانضم الجزء الآخر إلى مؤيدى مبارك .


·        لماذا فشلت الثورة ؟


قطعت ثورة يناير شوطا كبيرا نحو حتفها بداية منذ جمعة الغضب 28 يناير مرورا بخديعة 11 فبراير الكبرى وتركنا للميادين ثم استفتاء مارس الهزلى حتى محمد محمود ومجلس الوزراء وما تلتها من أحداث وإن كان تحليلنا للمعسكرات الأربع السالف ذكرها كفيل باكتشاف أسباب فشل ثورة يناير


1-    الثوار


ضم هذا المعسكر مجموعات من مشارب مختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وكان أغلبها من فئة الشباب وهى الفئة الأكثر تعرضا للغبن وقد صدق هؤلاء الشباب رموزًا ومضوا خلفها ولكن ما لبث الخلاف أن دب بين هذه الفئة لتتشرذم سريعا  وبين عشية وضحاها خرج علينا وائل غنيم من حيث لاندرى ليصبح أيقونة للثورة ومتحدثا رسميا باسمها فى المحافل الدولية ولست أعيب عليه شيئا إلا أنه تحدث فيما لا يفهم وادعى دورا لم يقم به ثم لم يكن جديرا بما ناله لأنه نال من البداية ما لم يستحق فوائل غنيم ليس له سابقة فى النضال فلا كارنيه لحزب معارض فى جيبه ولا عضوية فى كفاية ولا حتى مدونة . كل ما فعله هو انه كان المشرف (التقنى) على صفحة كلنا خالد سعيد  .. إذن استضافت المخابرات أو أمن الدولة هذا الفتى لعدة أيام روجت خلالها الميديا لأسطورة اختطافه وغموض اختفائه ثم خرج علينا يبكى الشهداء فى حضرة منى الشاذلى التى بكت حزنا على مبارك قبل موقعة الجمل بليلة واحدة   !!!!!!!!!


ومن البداية ظهر حب الزعامة واضحا لدى الفئات الأكبر عمرا فاقتحم ممدوح حمزة مضمار الزعامة باستضافته للائتلافات الثورية فى مكتبه  وحديثه الثورى فى الإعلام  وكلامه الحماسى فوق منصة التحرير عن حساباته الهندسية التى تثبت أننا أكثر من 2 مليون فى الميدان وطبعا بنقوده التى أنفقها وقد كان كل ذلك جهدا مشكورا  لولا أنه اقترن بالهجوم العدوانى على البرادعى الذى كان رمزا للتغييرفى عيون الشباب وقتها وكانه يقول : أنا أولى منه بهذه المكانة !!


ثم انقسم الثوار على أنفسهم بفعل فاعل وهو الإعلام ولست أدرى هل كان تحرك الاعلام فى انتقاء شخصيات بعينها من شباب الميدان لتقديمهم على انهم قادة الثورة عفويا أم بأوامر عليا من جهة ما رأت أن هذه الشخصيات تصلح لتقديم وجها هشا ومهترئا للثورة ومع الوقت بدأت الأحقاد تفسد ذات البين فى وسط الثوار فهناك من يرى أنه أحق بالبريق الاعلامى والأضواء وهناك من أنستهم الأضواء أنفسهم ورفاق دربهم ثم جاء قرار من ائتلاف شباب الثورة بوقف قبول أى عضويات جديدة فى صفوفه فجاء الرد بإنشاء ائتلافات أخرى ثم مع الوقت صار كل ائتلاف ينقسم على نفسه !!!! ثم انقسم نجوم الثورة ما بين لاهث خلف الإخوان ولاهث خلف العسكر ومن يحاول أن يقدم نفسه كصوت العقل والحكمة فلا هو إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.


2-    النظام السابق ( الحالى)


والنظام ليس مبارك ووزرائه ولكنه يشمل الإعلام المباركى  ورموزه وقيادات الجيش والشرطة والقضاء ورموز الحزب الوطنى ولجنة السياسات وهؤلاء ينتمون للنظام بحسابات المصلحة والاستفادة وهم لايكتفون بالتأييد ولكنهم فى حرب فعلية دائمة ضد الثورة وما تمثله .. فهم فاسدون ومفسدون ستجدهم ضد أى إصلاح وضد أى تطهير .. هم سدنة الديكتاتور ويجدون أمنهم فى نظام مبارك وتوابعه ( العسكر- أحمد شفيق - ............). وهؤلاء سيماهم فى وجوههم تعرفهم من أثر الانطباح فهم منافقون ومغرضون ولا تسمع لهم صوتا أو تر منهم شجاعة إلا لو تأكدوا أن هناك من يحميهم وهم لا يتكلمون إلا بما يمليه عليهم الضابط المسئول أو المصلحة المرجوة وللأسف فإنهم أكثر ترابطا من الثوار .

 

3-    الإخوان المسلمون وجماعات الإسلام السياسى


محافظون قولا .. متطرفون فكرا .. مراوغون فعلا ..لاعبون مع الجميع وضد الجميع ، لديهم قواعد شعبية كبيرة وتاريخ من الثقة بينهم وبين كثير من البسطاء . هذه التيارات تسعى للسلطة وإن باعت الدين والدنيا معا  وهم لم يكونوا مع الثورة ولا ضدها لكن يختلف موقفهم باختلاف المصلحة فأينما وجدت مصلحتهم كانوا .. والمساحة الشعبية التى خسرها هؤلاء بعد 30 يونيو 2013 سيقومون باستعادتها قريبا كما فعلوا من قبل مادامت القوى المدنية غير منظمة وفاقدة للمصداقية فى الشارع ، ومادام التعامل الأمنى معها به كثير من العنف والوحشية مما سيدفع البسطاء إلى التعاطف معهم من جديد.


4-    الأغلبية الصامتة ( عموم الناس)


وفى رواية أخرى يسمون بالحرافيش وهؤلاء هم أصل كل بلاء فى مصر على مدار تاريخها ولكنهم أيضا عماد كل ثوراتها ومن ينضم إليه الحرافيش يغلب ولو بعد حين. المشكلة فى الأغلبية الصامته أنهم يشتركون فى عدة سمات مميتة منها الجهل والفقر والجبن وغياب الوعى والنفاق حتى أنهم عندما انقسموا إلى فريق مع ثورة يناير وفريق ضدها كانت مشاركتهم فاسدة من الأساس فمن ثاروا ضد مبارك ثاروا بسبب الفقر وطمعا فى وضع اقتصادى أفضل وتوهموا أن اسقاط مبارك وحده كفيل بإنزال المن والسلوى عليهم من السماء وبأن المليارات التى هربت ستعود إليهم طائرة على جناحى الشوق لتسقط فى حجورهم ! ولم يتورع بعضهم فى السطو على بعض المحال التجارية والبنوك والأسواق على اعتبار أنها من ممتلكات اللصوص الكبار فحلال سرقتها! وهؤلاء سرعان ما تخلوا عن الثورة عندما ساءت الأحوال الاقتصادية وانعدم الأمن- الذى كان ضعيفا منذ البداية -  فى الشارع وانضموا إلى ركب المؤيدين للعسكر والمنقلبين على شباب محمد محمود ومجلس الوزراء  .


أما المجموعة الأخرى التى لم تثر قط ثم وجدناها فجأة تنزل إلى الشوارع يوم 30 يونيو فهى مجموعة من أصحاب المصالح الذين ارتضوا معادلة القهر مقابل الخبز ولما رأوا أن الجهات السيادية التى تمثل لهم جزءا من النظام الحاكم راضية عن التحرك فى 30 يونيو وداعمة له وجدت ضالتها فى النزول الى الشوارع ولم يكن نزولهم ثورة ضد الإخوان بقدر ما كان إرضاءً لنزعة العبودية بداخلهم وأملا فى أن يشعر القادة الكبار نحوهم بالامتنان وأن ينولوا شرف حمل أصحاب البيادات العسكرية فوق الأكتاف !


فى ظل هذا المشهد العبثى  لم يعد لدينا أمل سوى فى النخبة المدنية التى راهنا كثيرا على استنارتها وضميرها اليقظ  وكانت الملجأ الأخير ضد الفاشيتين العسكرية والدينية . وكم كنا مخطئين ! فالنخبة المدنية فى مصر نخبة هشة ومتشرذمة وغير منظمة وقد ابتعدت طويلا عن الشارع المصرى حتى فقد العامة ثقته فيها حتى أنها لم تجد سوى التحالف مع تيارات الإسلام السياسى فى مواجهة نظام مبارك مما أعطى هذه التيارات شرعية وطنية لا تستحقها وعندما كادت ثورة يناير تنجح عاد الإسلام السياسى فى أحضان فاشية العسكر وتحالفا معا لاسقاط الثورة وإجهاض أى أمل فى إقامة دولة ليبرالية فى مصر. ولأن دروس التاريخ فى مصر علمتنا أن الفاشية العسكرية دائما تستغل الفاشية الدينية ثم تلقى بها على قارعة الطريق كان لابد لنا أن نعى الدرس وأن ننتظر السقوط القريب  للاخوان ومن والاهم ولكننا لم نفعل بل تقوقعنا على أنفسنا وبين جدران أحزابنا أكثر وما إن خفت وطأة الفاشية العسكرية قليلا حتى أغرقنا فى صراعاتنا العبثية حول الليبرالية والاشتراكية وانشطرنا إلى عشرات الأحزاب  والائتلافات والتجمعات حتى صرنا كغثاء السيل . المشكلة الحقيقية الآن أن كثيرين يسعون لخطب ود السيسى ومن معه آملين فى تقديم أنفسهم كبديل للإخوان ومتوهمين أنهم سيأتون على ظهور الدبابات ولم يتعلموا من خطايا  الإخوان بل وزادوا بأن ساروا على خطوات المرشد خطوة خطوة من دموية وانتهازية وبيع للمبادىء بل وللوطن كله على قارعة الطرقات دون وازع من ضمير وفى النهاية لن يجدوا مكانا مع البيادة سوى تحتها . ألا قد بلغت اللهم فاشهد.

الخميس، 22 أغسطس 2013

محمد مرسى .. مئة يوم حول العالم



تحيا الثورة العربية 
 لن تنجح الثورة ولن يهدأ لنا بال حتى نتأكد من عودة العسكر إلى ثكناتهم والوهابيين إلى جحورهم  


أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
طـظ فيـكم

يسقط ..يسقط حكم المرشد


 

محمد مرسى .. مئة يوم حول العالم

كتبهاميادة مدحت ، في 16 أكتوبر 2012 الساعة: 13:21 م



 مرسى 100 يوم حول عالم
بقلم / ميادة مدحت

كنت أتمنى أن أكتب عن إنجازات وإخفاقات الرئيس محمد مرسى فى مئة يوم كأول رئيس منتخب لجمهورية مصر العربية بعد ثورة لم تأخذ من ملامح الثورات الأخرى سوى لون الدماء ، لكنه لم يعطنى فرصة لأن الوقت الذى قضاه خارج مصر أكثر من الذى قضاه بداخلها وكأننا  انتخبنا وزيرا للخارجية لا رئيسًا للجمهورية !
لست أدعى معرفة ضليعة بالعلوم السياسية ولا سابق خبرة فى فنون الحكم ولكنى كمواطنة بسيطة معنية بالشأن العام ومشاركة فى ثورة يناير منذ اليوم الأول ومن المبشرين بها  قبل اندلاعها بسنوات كنت أتمنى أن يتفرغ الرئيس الجديد لترتيب البيت من الداخل، ذلك الداخل الذى اهترأ وتمزقت أوصاله تحت نير البطالة والقمامة والفساد والأوبئة والفقر .. تحت نير الجهل والتسرب  من التعليم وختان البنات والتخلف التكنولوجى والانهيار الاقتصادى تضخما وكسادا. كنت أتمنى ألا يستريح الرئيس على مقعده الوثير فى طائرة الرئاسة قبل أن يصدر  قرارا بالعفو الشامل عن جميع الثوار وهناك فرق كبير بين الثوار وبين من تم القبض عليهم أثناء الثورة فى جرائم بلطجة وسرقة واغتصاب.  كنت أتمنى أن يصدر الرئيس الصورى – عفوا – الثورى قرارا بإنشاء محكمة الثورة حتى لا يفلت قتلة الشهداء من العقاب وكأن الثوار قتلوا أنفسهم !
كنت أتمنى أن يضع الرئيس حدا أدنى وآخر أقصى للأجور قبل أن يضع قدمه على أرض السعودية فى أول زيارة خارجية له . مرت مئة يوم عجاف علينا وسعد عليه حيث سافر وطاف ببلاد العالم يتأمل فى كون الله الفسيح ربما عملا بأغنية الست أم كلثوم " طوف وشوف" ولكنها كانت تغنيها للحث على زيارة مصر والطواف بين ربوعها. لم يلزمه أحد ببرنامج المئة يوم لكنه تعهد وألزم نفسه حل خمسة مشكلات خلالها وذلك من خلال المرحلة الأولى لمشروع النهضة فلما انتخبه الشعب –لم أكن من بين من صوتوا له – اكتشفنا أنه وعد فأخلف بل وعد ليخلف فمشروع النهضة لم تكن له ملامح محددة كما عرفنا من خيرت الشاطر الذى لم يفاجئنا بهذه الفاجعة فقط ولكنه أيضا اتهمنا بإساءة الفهم لتصريحات أقطاب الإخوان وأوشك أن يتهمنا بإساءة الأدب لأننا صدقنا مشروعهم وحلمنا بتنفيذه !
مئة يوم والمرور فى القاهرة من سىء إلى أسوأ واكوام القمامة صارت تضاهى فى ارتفاعها ناطحات السحاب والعودة الوحيدة للأمن لمسناها من خلال مخالفات المرور التى يجبونها بهمة ونشاط ومن خلال حوادث التعذيب التى ازدهرت فى عهد رئيس الثورة ! أما أزمة الوقود قد انتهت بالفعل فقد صار نقص الوقود من أحداث يومنا العادية أما رغيف العيش مازال غير صالح للاستهلاك الآدمى ومع ذلك طوابير الخبز لا تنتهى !!
لمذا قمنا بثورة ؟ هل ليحل عصام العريان محل كمال الشاذلى بوقاحته فى انتقاد المعارضين وتعاليه على الشعب؟ ويحل خيرت الشاطر محل أحمد عز ؟ هل يدرك مرسى أن أغلب من انتخبوه فعلوها ليطيحوا بشفيق من سباق الرئاسة لا لأنهم مقتنعين بمرسى أو عشاق للإخوان ؟ هل تعلم أننا انتخبناك رئيسا لا خطيبا تؤم بنا الصلاة كل يوم جمعه ثم تخطب فينا عن العدل الذى لم تطبقه والقانون الذى تلاعبت به والإسلام الذى لم نر من جماعتك وحزبك إلا قشوره؟ أين الكرامة التى هتفنا بها فى 25 يناير وأنت تشحذ علينا من صندوق النقد الدولى مرة ومن قطر مرة أخرى ؟ أين هيبة الدولة مما يحدث فى سيناء على يد مجموعة من المأفونين ؟ لماذا أفرجت عن القتلة والإرهابيين بمجرد وصولك إلى سدة الحكم ؟ أين أموالنا المنهوبة فى الخارج ؟ أين كرامة المصريين فى الممكة العربية السعودية والجيزاوى مازال رهن الاحتجاز وأين عرضنا والوهابيون يعرون نجلاء وفا ليجلدونها حتى اعوج منها الظهر وانتحر فيها الكبرياء؟
لا نطلب منك المعجزات ولكن الاعمال بالنوايا ونحن حتى لم نر منك نيه صادقة لحل مشكلة واحدة من المشاكل التى تراكمت وتفاقمت طيلة عقود الذل التى بدات من الخمسينات والستينات وما أدراك ما الستينات؟!  أرنا كرامة واحدة فقط ولن نعتمدك رئيسا فقط بل وليا ونصيرا .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصنيفات : سياسة, ضد التيار | أرسل الإدراج  |   دوّن الإدراج