المتابعون

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

على خطى الإخوان


على خطى الإخوان


بقلم / ميادة مدحت


 


عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 كانت تحمل بداخلها عوامل فشلها وكان هناك 4 معسكرات فى مصر :1-  الثوار وهؤلاء مع الثورة قلبا وقالبا ومنهم من بشر بالثورة قبلها بسنوات كفئة المدونين والتى أفتخر بالانتماء لها والنشطاء فى الحركات الاحتجاجية المختلفة . 2- النظام الحاكم ورموزه وهؤلاء انقسموا إلى معسكرين : الأول اتخذ موقفا واضحًا ومعلنا من الثورة والثانى متمثلا فى قيادات الجيش آثر أن يحتفظ برأيه فى الثوره لنفسه وأن يلتزم الحياد ثم يعلن مؤازرته للثوار من خلال خلع مبارك والذى كان خطوة ضرورية للإبقاء على النظام ولكننا لم ننتبه لهذه الحقيقة وقتها فصدقنا أن العسكر معنا 3-  جماعة الإخوان و كانت ضد الثورة قلبا وقالبا وأعلنت قيادات الجماعة عدم مشاركتها فى مظاهرات 25 يناير ولكن عندما بدأت بشائر النصر تلوح فى الأفق سارعت قيادات الجماعة بالقفز على المشهد وبقوة فى مساء 28 يناير 2011 فى برجماتيه صريحة إن لم تكن وقحة. 4- الأغلبية الصامته وقد انقسم هذا المعسكر على ذاته فانضم جزء منه إلى الثورة مما شكل كتلة حرجة أضافت زخما للتحرك الثورى وانضم الجزء الآخر إلى مؤيدى مبارك .


·        لماذا فشلت الثورة ؟


قطعت ثورة يناير شوطا كبيرا نحو حتفها بداية منذ جمعة الغضب 28 يناير مرورا بخديعة 11 فبراير الكبرى وتركنا للميادين ثم استفتاء مارس الهزلى حتى محمد محمود ومجلس الوزراء وما تلتها من أحداث وإن كان تحليلنا للمعسكرات الأربع السالف ذكرها كفيل باكتشاف أسباب فشل ثورة يناير


1-    الثوار


ضم هذا المعسكر مجموعات من مشارب مختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وكان أغلبها من فئة الشباب وهى الفئة الأكثر تعرضا للغبن وقد صدق هؤلاء الشباب رموزًا ومضوا خلفها ولكن ما لبث الخلاف أن دب بين هذه الفئة لتتشرذم سريعا  وبين عشية وضحاها خرج علينا وائل غنيم من حيث لاندرى ليصبح أيقونة للثورة ومتحدثا رسميا باسمها فى المحافل الدولية ولست أعيب عليه شيئا إلا أنه تحدث فيما لا يفهم وادعى دورا لم يقم به ثم لم يكن جديرا بما ناله لأنه نال من البداية ما لم يستحق فوائل غنيم ليس له سابقة فى النضال فلا كارنيه لحزب معارض فى جيبه ولا عضوية فى كفاية ولا حتى مدونة . كل ما فعله هو انه كان المشرف (التقنى) على صفحة كلنا خالد سعيد  .. إذن استضافت المخابرات أو أمن الدولة هذا الفتى لعدة أيام روجت خلالها الميديا لأسطورة اختطافه وغموض اختفائه ثم خرج علينا يبكى الشهداء فى حضرة منى الشاذلى التى بكت حزنا على مبارك قبل موقعة الجمل بليلة واحدة   !!!!!!!!!


ومن البداية ظهر حب الزعامة واضحا لدى الفئات الأكبر عمرا فاقتحم ممدوح حمزة مضمار الزعامة باستضافته للائتلافات الثورية فى مكتبه  وحديثه الثورى فى الإعلام  وكلامه الحماسى فوق منصة التحرير عن حساباته الهندسية التى تثبت أننا أكثر من 2 مليون فى الميدان وطبعا بنقوده التى أنفقها وقد كان كل ذلك جهدا مشكورا  لولا أنه اقترن بالهجوم العدوانى على البرادعى الذى كان رمزا للتغييرفى عيون الشباب وقتها وكانه يقول : أنا أولى منه بهذه المكانة !!


ثم انقسم الثوار على أنفسهم بفعل فاعل وهو الإعلام ولست أدرى هل كان تحرك الاعلام فى انتقاء شخصيات بعينها من شباب الميدان لتقديمهم على انهم قادة الثورة عفويا أم بأوامر عليا من جهة ما رأت أن هذه الشخصيات تصلح لتقديم وجها هشا ومهترئا للثورة ومع الوقت بدأت الأحقاد تفسد ذات البين فى وسط الثوار فهناك من يرى أنه أحق بالبريق الاعلامى والأضواء وهناك من أنستهم الأضواء أنفسهم ورفاق دربهم ثم جاء قرار من ائتلاف شباب الثورة بوقف قبول أى عضويات جديدة فى صفوفه فجاء الرد بإنشاء ائتلافات أخرى ثم مع الوقت صار كل ائتلاف ينقسم على نفسه !!!! ثم انقسم نجوم الثورة ما بين لاهث خلف الإخوان ولاهث خلف العسكر ومن يحاول أن يقدم نفسه كصوت العقل والحكمة فلا هو إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.


2-    النظام السابق ( الحالى)


والنظام ليس مبارك ووزرائه ولكنه يشمل الإعلام المباركى  ورموزه وقيادات الجيش والشرطة والقضاء ورموز الحزب الوطنى ولجنة السياسات وهؤلاء ينتمون للنظام بحسابات المصلحة والاستفادة وهم لايكتفون بالتأييد ولكنهم فى حرب فعلية دائمة ضد الثورة وما تمثله .. فهم فاسدون ومفسدون ستجدهم ضد أى إصلاح وضد أى تطهير .. هم سدنة الديكتاتور ويجدون أمنهم فى نظام مبارك وتوابعه ( العسكر- أحمد شفيق - ............). وهؤلاء سيماهم فى وجوههم تعرفهم من أثر الانطباح فهم منافقون ومغرضون ولا تسمع لهم صوتا أو تر منهم شجاعة إلا لو تأكدوا أن هناك من يحميهم وهم لا يتكلمون إلا بما يمليه عليهم الضابط المسئول أو المصلحة المرجوة وللأسف فإنهم أكثر ترابطا من الثوار .

 

3-    الإخوان المسلمون وجماعات الإسلام السياسى


محافظون قولا .. متطرفون فكرا .. مراوغون فعلا ..لاعبون مع الجميع وضد الجميع ، لديهم قواعد شعبية كبيرة وتاريخ من الثقة بينهم وبين كثير من البسطاء . هذه التيارات تسعى للسلطة وإن باعت الدين والدنيا معا  وهم لم يكونوا مع الثورة ولا ضدها لكن يختلف موقفهم باختلاف المصلحة فأينما وجدت مصلحتهم كانوا .. والمساحة الشعبية التى خسرها هؤلاء بعد 30 يونيو 2013 سيقومون باستعادتها قريبا كما فعلوا من قبل مادامت القوى المدنية غير منظمة وفاقدة للمصداقية فى الشارع ، ومادام التعامل الأمنى معها به كثير من العنف والوحشية مما سيدفع البسطاء إلى التعاطف معهم من جديد.


4-    الأغلبية الصامتة ( عموم الناس)


وفى رواية أخرى يسمون بالحرافيش وهؤلاء هم أصل كل بلاء فى مصر على مدار تاريخها ولكنهم أيضا عماد كل ثوراتها ومن ينضم إليه الحرافيش يغلب ولو بعد حين. المشكلة فى الأغلبية الصامته أنهم يشتركون فى عدة سمات مميتة منها الجهل والفقر والجبن وغياب الوعى والنفاق حتى أنهم عندما انقسموا إلى فريق مع ثورة يناير وفريق ضدها كانت مشاركتهم فاسدة من الأساس فمن ثاروا ضد مبارك ثاروا بسبب الفقر وطمعا فى وضع اقتصادى أفضل وتوهموا أن اسقاط مبارك وحده كفيل بإنزال المن والسلوى عليهم من السماء وبأن المليارات التى هربت ستعود إليهم طائرة على جناحى الشوق لتسقط فى حجورهم ! ولم يتورع بعضهم فى السطو على بعض المحال التجارية والبنوك والأسواق على اعتبار أنها من ممتلكات اللصوص الكبار فحلال سرقتها! وهؤلاء سرعان ما تخلوا عن الثورة عندما ساءت الأحوال الاقتصادية وانعدم الأمن- الذى كان ضعيفا منذ البداية -  فى الشارع وانضموا إلى ركب المؤيدين للعسكر والمنقلبين على شباب محمد محمود ومجلس الوزراء  .


أما المجموعة الأخرى التى لم تثر قط ثم وجدناها فجأة تنزل إلى الشوارع يوم 30 يونيو فهى مجموعة من أصحاب المصالح الذين ارتضوا معادلة القهر مقابل الخبز ولما رأوا أن الجهات السيادية التى تمثل لهم جزءا من النظام الحاكم راضية عن التحرك فى 30 يونيو وداعمة له وجدت ضالتها فى النزول الى الشوارع ولم يكن نزولهم ثورة ضد الإخوان بقدر ما كان إرضاءً لنزعة العبودية بداخلهم وأملا فى أن يشعر القادة الكبار نحوهم بالامتنان وأن ينولوا شرف حمل أصحاب البيادات العسكرية فوق الأكتاف !


فى ظل هذا المشهد العبثى  لم يعد لدينا أمل سوى فى النخبة المدنية التى راهنا كثيرا على استنارتها وضميرها اليقظ  وكانت الملجأ الأخير ضد الفاشيتين العسكرية والدينية . وكم كنا مخطئين ! فالنخبة المدنية فى مصر نخبة هشة ومتشرذمة وغير منظمة وقد ابتعدت طويلا عن الشارع المصرى حتى فقد العامة ثقته فيها حتى أنها لم تجد سوى التحالف مع تيارات الإسلام السياسى فى مواجهة نظام مبارك مما أعطى هذه التيارات شرعية وطنية لا تستحقها وعندما كادت ثورة يناير تنجح عاد الإسلام السياسى فى أحضان فاشية العسكر وتحالفا معا لاسقاط الثورة وإجهاض أى أمل فى إقامة دولة ليبرالية فى مصر. ولأن دروس التاريخ فى مصر علمتنا أن الفاشية العسكرية دائما تستغل الفاشية الدينية ثم تلقى بها على قارعة الطريق كان لابد لنا أن نعى الدرس وأن ننتظر السقوط القريب  للاخوان ومن والاهم ولكننا لم نفعل بل تقوقعنا على أنفسنا وبين جدران أحزابنا أكثر وما إن خفت وطأة الفاشية العسكرية قليلا حتى أغرقنا فى صراعاتنا العبثية حول الليبرالية والاشتراكية وانشطرنا إلى عشرات الأحزاب  والائتلافات والتجمعات حتى صرنا كغثاء السيل . المشكلة الحقيقية الآن أن كثيرين يسعون لخطب ود السيسى ومن معه آملين فى تقديم أنفسهم كبديل للإخوان ومتوهمين أنهم سيأتون على ظهور الدبابات ولم يتعلموا من خطايا  الإخوان بل وزادوا بأن ساروا على خطوات المرشد خطوة خطوة من دموية وانتهازية وبيع للمبادىء بل وللوطن كله على قارعة الطرقات دون وازع من ضمير وفى النهاية لن يجدوا مكانا مع البيادة سوى تحتها . ألا قد بلغت اللهم فاشهد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق