المتابعون

الاثنين، 14 يونيو 2021

المجتمع لا يحب القبيحة

المجتمع لا يحب القبيحة 

بقلم ميادة مدحت 



طالما تساءلت أين اختفت فيروز الطفلة المعجزة، كنت أفترض في طفولتي أنها تنتمى لأسرة متشددة حجبتها عن الشاشة فور البلوغ ولكن عندما كبرت عرفت أنها شقيقة نيللي نجمة الفوازير بل وقد قامت فيروز بأداء دور البطولة في بعض الأفلام التي لم تلاقي نجاحا جماهيريا فتزوجت وانزوت بعيدا عن الأضواء التي تسلطت على الشقيقة الأصغر ولم تكن فيروز الشابة بأى حال من الأحوال قبيحة لكنها لم تكن بجمال فيروز الطفلة فتهافتت الأدوار على الشقيقة الأكثر جمالا. 
والأقل جمالا في شوارعنا هى الأكثر تعرضا للامتهان بل وللتحرش الجنسي فيكفي المتحرش إن هى صرخت لتفضحه أن يشير إليها مستهزئا: بالذمة دى خلقة تتعاكس! وسيصدقه الجمع بل وقد يتعاطف البعض معه فهو طيب ولطيف وأراد أن يرفع من روحها المعنوية! 
الأقل جمالا مطلوب منها أن تضاعف الجهد وتسعى بكد لتستحق رجلا حتى ولو على حساب كرامتها وأخلاقها فالمجتمع ينصحها: يا وحشة كوني نغشة! إذن عليها أن (تتنغنش) ومن حق الرجل أن يقبلها أو يفر منها لأنها قبيحة الشكل والخلق. 
والمفارقة أن الأقل جمالا في مجتمعنا ليست بالضرورة قبيحة لكنها السمراء في أسرة تتمتع ببشرة فاتحة أو هى السمينة في أسرة تتمتع بالرشاقة أو هى المسلوعة بين شقيقات كيرفي! وهى التي غالبا ما تقوم بمعظم أعباء المنزل وهى التي لا يدعونها للخروج إذا أتاهم زوارا فهى نصف عار يخجلون أن ينكشف أمره. 
وجعبة المجتمع لا تنضب فصفة(الوحاشة) جاهزة للالتصاق الفوري بأى فتاة تخالف النمط السائد الجمال في بيئتها. ولو كنت الأقل جمالا في العمل يجب عليك أن تتبرئي من أنوثتك تماما وتنازعي الرجال كرجل وإما أن تتنغنشي. 
والحقيقة أنك لا يجب أن تنقلبي ذكرا لتنتزعي حقوقك ولا أن تكوني نغشة لتقنعيهم أنك أنثى كاملة بل كوني كما أنت وكما تحبين وأحبي نفسك قدر المستطاع لأن مجتمعنا لم ولن يحب القبيحة.

الخميس، 6 مايو 2021

3) الحرب والطريق إلى مصر العظمى

 

بقلم ميادة مدحت  

 

 سقنن رع تاعا الثاني ملكًا              

احتل الهكسوس شمال مصر في غفلة من أهلها حتى ما قبل الميلاد بنحو 1500 عام حيث أرسل الملك الهكسوسي أبوفيس إلى سقنن رع الملك المصري في طيبة رسولاً يطلب قتل أفراس النهر في البحيرة المقدسة حيث يقلق صوتها منام أبوفيس في شمال مصر. كان يمكن أن يهادن سقنن رع أو ينحني لكنه رفض بإباء أن يمس أفراس النهر وأن يستجيب لإرادة محتل من الرعاه. وأعلن سقنن رع الحرب وكان في مقدمة الجيش يقاتل ببسالة حتى ارتقى شهيدًا بعد أن لم يعد في جسده ورأسه موضعًا ليس به طعنة سيف أو رمح. انهزم المصريون في المعركة لكن الحرب لم تنتهي حيث وقفت تتي شيري الملكة الأم وإياح حتب أرملة الفرعون الشهيد سقنن رع خلف ولى العهد كاموس الذي استكمل الكفاح حتى ارتقى شهيدًا هو الآخر[1]

العظيم سقنن رع شهيدًا

وجاء أحمس العظيم الذي لم يخش الهزيمة رغم تجرعها مرتين من قبل وانتصر وطرد الهكسوس خارج مصر بل وطاردهم وراء الحدود محتلاً مساحات كبرى شرق مصر لتأمين الحدود الشرقية. وبدأت على يديه الأسرة الثامنة عشر أو ما يعرف بالأسرة الحديثة التي شهدت واحدة من أعظم فترات مصر في تاريخها حيث كانت بداية لإمبراطورية كبيرة ممتدة غربا وشرقًا وجنوبًا. وبعدها شهد التاريخ على عظمة القادة العسكريين المصريين مثل رمسيس الثاني وتحوتمس الثالث وقد كان زمانهما زمان حرب ومع ذلك ازدهرت مصر وعم الخير الوفير أرضها.
ليست تلك دعوة للغزو ولا احتلال أراضي الغير أو البكاء على أطلال الإمبراطورية الضائعة ولكن أردت أن أذكر أمثلة للذين استعبدهم الخوف من الحرب حتى يعرفوا أن مصر حاربت وانتصرت وأن الهزيمة لم تكن أبدا إلا تمهيد لانتصار عظيم منذ احتلال الهكسوس وحتى طرد الصهاينة من سيناء في حرب أكتوبر المجيدة. ولكن كيف كانت الحرب طريقًا لمجد مصر وكيف يمكن لرديفة الدمار أن تكون سببًا للتنمية؟ تلك قصة الرسالة القادمة فانتظروها.    




[1] http://www.sohag-univ.edu.eg/facarc/wp-content/uploads/2020/03pdf

الثلاثاء، 4 مايو 2021

للحرب سبع فوائد 2- الهجوم خير وسيلة للدفاع

(2)

الهجوم خير وسيلة للدفاع

بقلم/ ميادة مدحت

 

تمتد خطط منع تدفق النيل إلى مصر وتعطيشها إلى مئات السنين فقد طلب البابا الكساندر السادس من فاسكو دى جاما أن يتواصل مع يوحنا ملك إثيوبيا آنذاك لإيجاد طريقة لمنع تدفق ماء النيل إلى مصر انتقامًا من جيشها الذي هزم الصليبيين وطردهم خارج بلاد المسلمين[i]. لن أخوض هنا في تاريخ العداء بين إثيوبيا ومصر والذي تطور إلى صدامات مسلحة في عهد الخديو اسماعيل لكنى سأدخل مباشرة في صلب النتائج الكارثية للسد الملعون على مصر. وفقًا لخطاب مصر إلى مجلس الأمن فإن الانخفاض في مياه النيل بمقدار مليار متر مكعب سيؤدي إلى فقدان 290 ألف شخص لمصدر دخلهم وخسارة 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي وفقدان 320 ألف فدان وسوف يؤدي الملأ الثاني غلى احتجاز اكثر من 13 مليار متر مكعب[1]. ويبلغ نصيب مصر السنوى من مياه النيل حوالي 55.5 مليار متر مكعب في حين يبلغ استهلاكنا سنويًا 74 مليار متر مكعب أى أن ما يصلنا بالفعل الآن هو أقل من احتياجاتنا السنوية فيمكن تخيل الضرر الذي قد يقع على مصر هذا العام إذا أتى الفيضان متوسطًا أو ضعيفًا في ظل الملأ الثاني للسد المقرر حدوثه في يوليو القادم.

السؤال هنا هل هناك أمل في إنهاء الأزمة على طاولة المفاوضات؟ للأسف لا فلا يوجد أدنى بادرة تنم عن حسن نية من الجانب الإثيوبي المتمسك بإشراف الاتحاد الإفريقي على المفاوضات ويأتي ذلك في إطار ميل واضح للجانب الإثيوبي كما أن عددًا من دول حوض النيل وبالتحديد دول اتفاقية عنتيبي المشؤومة ليست معنا بل هى ضدنا بشكل واضح[2]. ومنذ بداية الأزمة في عام 2010 استغلت إثيوبيا المفاوضات أسوأ استغلال وكان التهديد بالتدخل العسكري هو الرادع الوحيد لها وهو ما أوغر صدر زيناوي على مبارك الذي قرر قصف أساسات السد حال الشروع في إنشائه[3].

وإذا كان نجاح تشغيل السد يهددنا بالجفاف والمجاعة فإن انهياره – وهو أمر وارد لوجوده على فوالق جيولوجية وبعض العيوب التي ثبت وجودها في جسم السد- سيكون فيه فناء السودان ومصر. ووفقًا للدكتور فيصل أيوب باحث في الدراسات البيئية والمائية فإنه في حال انهيار السد سيحدث تدفق لحوالى 73 مليار متر مكعب من هضبة شمال أثيوبيا من ارتفاع 4000 متر فوق سطح البحر؛ لتغرق السودان، وتقتلع السد العالي من مكانه وسيجرف الطوفان المدن والقرى والطرق والكباري علي ضفاف النهر على امتداد 1536 كم من الجنوب إلى الشمال. سيتم تدمير الدلتا، ويرتفع الماء بين فرعي دمياط ورشيد، مابين 15 إلي 20 متر، وسيفني ذلك سكان الدلتا و تغرق الفيوم لأنها تنخفض عن سطح البحر بنحو 45 متر. وسيتجاوز عدد الغرقى عشرات الملايين.

لقد بنى السد باكتتاب إسرائيلي تحت شعار معًا ضد مصر وقد أعلنت إثيوبيا العداء وياليتها اعتدت على الحدود لكنها تريد إفناء مصر وهو ما لا يمكن السكوت عليه وأى هجوم عسكري مصري الآن لن يعد اعتداء بل هو حق مشروع في الدفاع عن النفس ومقدرات الوطن. وهنا تظهر الأصوات المهددة لنا بانهيار مصر وفرض عقوبات ضدها وهؤلاء أرد عليهم في الرسالة التالية. 


 



[1] https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=17042021&id=4bfbf862-ca5e-4a24-a738-d987b53aed00

[2]  محمود الورواري ، من معنا ومن ضدنا في أزمة سد النهضة؟ https://www.facebook.com/ma.alwerwary/videos/3826996044020555

[3]  https://mubasher.aljazeera.net/news/2021/4/7



[i]  حوار تلفزيوني للكاتب محمد حسنين هيكل مع الإعلامية لميس الحديدي https://www.facebook.com/149131455687825/videos/2173386936140337

الاثنين، 3 مايو 2021

للحرب سبع فوائد .. خطابات مفتوحة لرئيس مصر وجيشها

بقلم / ميادة مدحت 

 (1)
دروس الهزيمة
 
تفاقمت أزمة سد إثيوبيا الملعون حتى لم يعد من الحرب بد وإلا صار هلاك مصر أرضًا وشعبًا مجرد مسألة وقت فإن بقى السد وامتلأ سنهلك عطشًا وجفافًا وإن انهار سنهلك غرقًا. و تعالت أصوات كريهة تتهم المنادين بالحرب بأنهم خونة يسعون إلى توريط مصر في حرب ليست كفؤا لها. والغريب أن تلك الأصوات هى التي أصمت الآذان طيلة السنوات الماضية بالصراخ بحياة الجيش المصري والإشادة بتسليحه ومهارة أفراده كما أنها هى نفس الأصوات التي هللت مطالبة بخوض حرب في ليبيا صيانةً للحدود. وصحيح أن حدودنا مع ليبيا كانت ولا تزال مهددة، لكن صراعنا مع أوغاد الحبشة صراع وجود لا حدود. وإن كان تهديد الحدود من موجبات الحرب فالأولى أن يكون تهديد الوجود مستوجبًا لها. 



وانطلقت الجوقة تتوعدنا ملوحةً مرة بذكرى النكسة ومرة أخرى بما حدث في حرب اليمن. وقد هزمنا في اليمن لأننا تدخلنا فيما لا يعنينا بدون دراسة ولا فهم إرضاءً لنزق شخص واحد استولت عليه أوهام العظمة وما كانت النكسة سوى نتيجة لاستبداد نفس الشخص بالرأى وقمعه لكل صوت مخالف – حتى وإن تحدث عن درايةً وعلم- واصطفائه لأصدقائه في مواقع حساسة بالجيش وخارجه حتى ضاعت السودان ثم ضاعت سيناء كلها في نكسة 1967. وتلك إحدى فوائد الحرب التي لا يرونها فدروس الهزيمة تفتح أعين الشعب الغافل على حقيقة حكامه وتفتح عين الحاكم ليرى حقيقة من حوله فيصلح من شأن نفسه ويحسن اختيار معاونيه - إن أعطاه الشعب الفرصة لذلك.

والغرض الحقيقي من قراءة دروس الهزيمة هو ألا ننهزم مجددًا وليس ألا نحارب مجددًا فمن يخوفونا بالهزيمة ويبشرونا بخراب مصر إن انتفض جيشها وشعبها دفاعًا عن وجودهم لم يقرأ أحدهم دروس الهزيمة ولا يعرف أحدهم معنى الانتصار فهؤلاء ينطقون عن الهوى وياليته كان هواهم! إن التاريخ يؤكد أن مصر ما انهزمت يومًا إلا لتنتصر بل كان قرار الحرب عبر التاريخ بداية ميلاد امبراطورية كبيرة ممتدة وهو ما سأشرحه تفصيلاً لاحقا لكن بعد أن أخبركم في الرسالة الثانية ما الذي سيحدث لو لم تعلن مصر الحرب على العدو الإثيوبي. حفظ الله مصر قوية وموحدة عزيزةً بين الأمم.