المتابعون

الاثنين، 10 مارس 2014

المجد للمتمردين



بقلم / ميادة مدحت

 

كيف نتحدث عن الديمقراطية على المستوى العام وعن الحرية على المستوى الخاص قبل أن نعى قيمة التمرد ؟  إن التمرد هو أول خطوة في طريق الحرية ، فمن أجل أن ينتزع الإنسان حريته كاملة لابد أن يتمرد على كافة أشكال السلطة أبوية وسياسية ودينية وألا يلتزم إلا بما يلزمه به العقل والضمير.

هل وصلت امرأة شرقية إلى شواطئ الحرية قبل أن تتمرد على سلطة أسرتها ومجتمعها ؟ وهل انتزع رجل حريته قبل أن ينزع عنه أغلال الخرافة والخوف من أصحاب السلطة ؟ لكن المشكلة الكبرى أننا نحيا فى مجتمعات تشيطن من يسأل وتلعن من يتمرد وتقصى كل من آمن بغير ما آمن به الدهماء .

والمستبدون يشكلون خطورة كبرى على عقل الإنسان ووعيه سواء كان استبدادهم دينيا أو اجتماعيا أو سياسيا ولكن يبقى الأكثر خطورة على البشرية وتقدمها الذين يسمون أنفسهم ويسميهم الناس بالمعتدلين فهؤلاء يوهموننا أنهم مع التيسير ولكن أمثالهم هم من ابتكروا الجدران و اكتشفوا القيود و رسموا الحدود بين الدول.

المعتدلون فى السياسة يعطون الشعب شيئا من الديمقراطية باليد اليمنى ثم يسلبونهم إياها باليسرى بدعوى الحفاظ على الثوابت الوطنية  أو الحفاظ على الاستقرار أو أي هراء من هذا القبيل فتجد نفسك ممنوعا من مواجهة الطغيان أو الثورة على الطاغية لأن الثورة تهدد حالة الاستقرار، وأنك ممنوع من مناقشة ميزانية الجيش ومن محاسبته ومن انتقاد تصرفات قادته .

المعتدلون فى الدين يخبرونك أن التدبر فريضة ولكنهم حريصون على تذكيرك دومًا بأن للتفكير سقفا يجب ألا تتعداه فلا تفكر فى التعارض بين نصوص ونصوص أخرى رغم وحدة المصدر، وبين أوامر ونواهي تتعارض مع ما أمرنا به ثم لا تفكر فى الذات الإلهية أصلا لأن ذلك خطر على عقيدتك وكأنك إن اقتربت من كنه هذا المبدع الأعظم الذي صور كل شيء فأحسن صنعه ستكفر !! وهم يدعونك إلى التسامح مع أتباع الديانات السماوية فقط ومع ذلك فإنهم يكرهون اليهود ! ويرون أن المسيحيين واليهود فى النار حتما لا محالة.

المعتدلون في المجتمع يرسلون بناتهم إلى أفضل المدارس والجامعات ويشجعوهن على نيل أعلى الدرجات العلمية لكنهم يرون أن نجاح البنت لن يكلل إلا بالزواج ومع ذلك ربما لا يدعونها تختار وربما يرغمونها على من لا ترتضيه زوجًا . المعتدلون اجتماعيًا قد لا يختنون أجساد بناتهم ولكنهم يختنون عقولهن ويستأصلون حب الحياة من داخلهن وأحيانًا يستأصلون الحب نفسه .

قد يكون المنادون بالإصلاح على حق فيما يتعلق بالأوطان فعمرها التاريخ ومستقبل الكرة الأرضية فى انتظارها ولكن على مستوى الفرد  فهى حياة واحدة إما عاشها أو لا وإما حقق ذاته ووصل إلى مبتغاه وإما عاش كالظل ، مجرد انعكاس باهت لأفكار الآخرين وأقوال الآخرين وأفعال الآخرين.

كن نفسك اليوم ولو لم تعجبهم ، تمرد على كل مستقر ثابت ولو نعتوك بالشيطان فالعمر لحظة إما عشناها أبطالا وإلا ضاعت منا جبناء . نصب عقلك إلهًا وضميرك نبيًا واجعل حياتك رسالة تبليغها واجب وإتمامها أمر مقدس وطوبى للمتمردين.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق